خاص – موقع صحّتي
يُصادف يوم ٣ ديسمبر من كلّ عام، اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يستحقون بأن يحظوا الفرص نفسها في الحياة كما أي شخص آخر. ويأتي هذا اليوم ليذكّر بوجود الكثير من الحواجز التي تعيق الاندماج الكلي للمعوّقين في المجتمع الذي يعيشون فيه، وبضرورة مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة مشاركة كاملة وفاعلة. ولأنّ هناك الكثير من التساؤلات التي يطرحها الأهل الذين يولد لهم طفل معوّق، ولأنّ المجتمع يمكن أن يكون قاسياً أحياناً كثيرة مع الأشخاص ذوي الإعاقة، نخّصص هذا التقرير للإضاءة على مختلف جوانب حياة المعوّق وكيفية تخطّي الحواجز الموجودة حتّى اليوم، وذلك بالتعاون مع الدكتور موسى شرف الدين، رئيس جمعية أصدقاء المعاقين وعضو الشرف في منظّمة الإحتواء الشامل وهو طبيب أخصائي بالإعاقات النمائية من جامعة جونز هوبكنز، بالإضافة الى ترأسه الإتحاد الوطني لجمعيات أهالي ومؤسسات التعوّق العقلي في لبنان. والدكتور شرف الدين، هو من أكثر الأشخاص القادرين على التكلّم بعمق عن موضوع الإعاقة، لأنّه أب لثلاثة أبناء إثنين منهم شباب من ذوي الإعاقة المركّبة، لكنّهما اليوم يعتمدان على نفسيهما ويستقلّان في معظم أمور حياتهما.
لا لقرار الإجهاض!
يتّجه الكثير من الأهالي اليوم نحو قرار الإجهاض أول ما يسمعون من الطبيب أنّ الجنين الذي يتكوّن مصاب بإعاقة معيّنة، بإعتبار أنّ هذا الحلّ يخلّص الجنين ويرحم الأهل من العذابات المستقبلية. إلا أنّ د. شرف الدين يرفض تماماً مثل هذا القرار، فلا احد يملك الحقّ بإنتزاع الحياة من الطفل الذي يتكوّن. وبدل إتّخاذ هذا القرار المتسرّع، ينصح الطبيب الأهل بأن يقرأوا عن إعاقة طفلهم ويعودوا الى المراجع التي كتبت عنها، ويتناقشوا مع الأطباء لكي يكونوا حاضرين للتعامل مع الطفل بالشكل الصحيح. كما ينصحهم بالذهاب الى المراكز المتخصّصة التي تقدّم الخدمات اللازمة للمعوّقين ويضطلعوا على التجارب بدل إنتازع الحقّ بالحياة من الطفل. أمّا بعد الولادة، وحين يكبر الطفل، يلفت د. شرف الدين الى أهمية أن يرتاد الطفل مركزاً متخصّصاً لإعاقته لكي يستطيع تعلّم المهارات الأساسية ولا يصبح إتكالياً بشكل كامل في حال لازم المنزل كلّ الوقت. وفي المراكز المتخصّصة، يمكن للطفل أن يبني علاقات مع أشخاص آخرين ويتفاعل معهم بالإضافة الى إكتساب المعارف والمهارات مع أهمية الإبقاء والمحافظة على علاقة الطفل بأهله وأقربائه.
الإيمان بقدرات الطفل
يشدّد د. شرف الدين على أهمية أن يؤمن الأهل بقدرات طفلهم لكي يصل الى مراحل متقدّمة على صعيد الإستقلالية والاعتماد على الذات. ويقول الطبيب "ليس هناك من شخص معوّق عاجز، إنما هناك من يعجّزه"، وبالتالي فإنّ الحمائية الزائدة التي يمكن أن يظهرها بعض الأهل تجاه ولدهم المعوّق تُعتبر خاطئة، لأنّها ستمنعه من إكتشاف إمكاناته. ويؤكد د. شرف الدين أنّ الشخص المعوّق إذا تمّ تأمين البيئة التمكينية له، أثبت قدراته الشخصية. أمّا على صعيد خوف الأهل المستمر من نظرة المجتمع الى طفلهم المعوّق، فيرى الطبيب أنّ الأهل يجب أن يتعاملوا مع هذه النقطة على أنّها مشكلة الآخرين وليست مشكلتهم وحين يقبلوا بذلك يلمسون تقرّبهم من طفلهم. ويشدّد د. شرف الدين على أهمية إحترام التنوّع، لانّ المعوّق لا خيار له ويجب أن يعامل كما أي شخص آخر. وهنا تبرز أهمية التخلّص من الصور النمطية والأفكار المسبقة التي تزيد الحواجز بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع الذي يعيشون فيه. أخيراً، ليس هناك أمام الأهل إلا طريقين لا ثالث لهما: فإما التمكين الصحيح للطفل لكي يكون قادراً على الإستمرار بالحياة بأقلّ قدر من الإتكالية، وإما يعيش حالة من التعجيز المدمّرة له ولقدراته.
ما رأيك ؟