كثيرون يغضّون النظر... كثيرون لا يعطون الأمر أهمية... لكنّ الضحية طفل غالباً ما لا يعرف لماذا يُضرب أو يهان، فالخطأ الذي قام به (ان قام فعلاً بأي خطأ) لا يكون يستحقّ كلّ هذا العنف! هذا الواقع أرادت جمعية "حماية" (Himaya) في لبنان لفت النظر اليه، بالشراكة مع منظّمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والحكومة الدنماركية. وذلك من خلال اطلالة حملة توعية تهدف من خلالها الى حثّ كلّ مواطن انطلاقاً من مسؤوليته المجتمعية، على ضرورة تبليغ السلطات او اعلام الجمعيات المعنية عن حالات العنف ضدّ الأطفال.
الفيديو التالي يعبّر عن الواقع اليوم، حيث يتمّ التغاضي عن العنف، في وقت يعيش الكثير من الأطفال يوميات من التعنيف الجسديّ والنفسيّ:
ولكي نعرف أكثر عن واقع العنف المنزليّ ضدّ الأطفال، تواصلنا مع جمعية "حماية" لتقدّم لنا الأجوبة لتساؤلات نطرحها في ظلّ ما يشهده لبنان من أزمات خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس، وما خلّفه من دمار ماديّ وأعداد قتلى وجرحى.
- كيف أثّر انفجار مرفأ بيروت على واقع العنف المنزليّ ضد الأطفال؟
بحسب جمعية "حماية"، فقد شكّل إنفجار مرفأ بيروت "القطرة التي أفاضت الكأس". إذ أن الوضع كان من قبل يحمل تراكمات على الصعيد الإقتصادي، الإجتماعي، الطبي والنفسي. فنتج عن الإنفجار تدهور حادّ للوضع الإقتصادي الذي زاد من الضغوطات لدى العائلات.
من بين الحالات التي يتمّ متابعتها بعد الانفجار، البعض منها يصُنّف بحالات سوء معاملة، فقد سجّلت حالات عمل للأطفال وحالات عنف أسري. وقد عبّر بعض الأهل عن قلق وشعور بالحذر الدائم تقريباً، خوفاً من تكرار الصدمة وحلول خطر ما، بالاضافة الى فقدان الصبر وعدم القدرة على تحمل الصوت العالي وسلوكيات أطفالهم وسط الفوضى التي تعم المنزل مثل عدم وجود شبابيك.
فلجأ البعض إلى تصرفات عنيفة لمعالجة سلوكيات أطفالهم العدوانية، الأمر الذي لم يكن رائجاً في النظام أو الأسلوب التربوي في ما قبل. وسجلّت أيضاً حالات من التبول اللا إرادي، تعلق بالأهل وطلب النوم بقربهم، وصعوبات في النوم.
من جهة أخرى، لاحظت الجمعية تمسّكًا وتضامنًا في العائلة الواحدة. أظهر بعد الأهالي تعاطفاً مع طفلهم المتضرر وتفهّماً لآثار الصدمة وردود فعل كما وسلوكيات الطفل الحادّة. أدّى ذلك إلى شعور الغيرة بين الإخوة عند وجود طفل متضرر أكثر نسبياً من غيره مما أشعر اخوته بالدونية وبإهتمام الأهل الجزئي لهم كون التركيز كان على الطفل الآخر. كما لوحظ التزاماً بالمتابعة النفس إجتماعية وطلباً لدى العائلة التي تضررت للدعم النفسي خاصّة للأطفال من قبل الأهل. كان بعض الأهل مدركين للألم النفسي ويطلبون الدعم كمثل اللجوء إلى الطبيب عند الألم الجسدي.
- ما هي العوامل التي تدفع المواطنين برأيكم الى غضّ النظر عن حالات العنف ضدّ الأطفال كما رأينا في الفيديو الذي قامت الجمعية باعداده؟
مشاهدة عنف ضدّ الأطفال يضع الفرد في موقع مسؤلية قد يٌشعِره بالخوف والذنب من تداعيات التبليغ الذي قد يرتبط بعدم معرفة ما يلي التبليغ وطلب المساعدة. هناك أيضاً نظرة المجتمع للعنف ضد الأطفال من حيث النمط الثقافي.
- ما هي التبعات النفسية المحتملة للعنف المنزلي ضدّ الأطفال؟ وأي مضاعفات يمكن توقّعها؟
يمثّل المنزل عادةً المكان الآمن للأطفال. في حالات العنف المنزلي، تتشوه هذه الصورة و يتزعزع أو حتى يُفقد الشعور بالأمان والسلامة لدى الطفل وخاصة الثقة بمقدمي الرعاية. التبعات المحتملة للعنف للمنزلي ضد الأطفال متنوعة وتظهر بحسب عمر الطفل، قدراته، هشاشته والموارد الداعمة في المحيط. نذكر منها: التأثير على نمو الطفل الجسدي و العاطفي، سلوكيات عدوانية، تغير في السلوك والمزاج، الشعور بالقلق، صعوبات في: التركيز، الذاكرة، المأكل، النوم، اللعب، الشراكة، التواصل وصعوبات التعلّم.
- ما هو الدور الذي تقوم به جمعية "حماية" في مواجهة هذه الحالات سواء من ناحية الاطفال او الاهل ايضاً؟
تتدخل جمعية "حماية" مع الطفل بالشراكة مع الأهل، بهدف توفير مساحة آمنة للطرفين، للتعبيرعن معاشهم وللتفكير بطرق بديلة في التواصل وتخطي الصعوبات بينهم. هذا ما يسمى بالدعم النفسي الإجتماعي الذي يتم بجلسات من قبل إختصاصي نفسي واختصاصي إجتماعي في المكتب أوعبر الهاتف والذي يلي تقييم للحالة ولحاجات الأطراف المعنيين. توفر جمعية "حماية" أيضاً تدريبات وجلسات توعية حول حماية الطفل، للأطفال، للأهل ولعاملين في مجالات عديدة.
ما رأيك ؟