تعد المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر، والترقي نحو الكمال الإنساني الرشيد، ومكمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، هي التغيرات في مظاهر النمو المختلفة من جسمية وفسيولوجية وعقلية واجتماعية وانفعالية وخلقية، ولما يتعرض له الإنسان فيها إلى صراعات متعددة، داخلية وخارجية.
ويواجه المراهق العديد من الصعوبات والتحديات في علاقته مع أهله ومحيطه، فيعيش صراع بين رغبته بالإستقلالية وتطبيق أفكاره وبين الخضوع لأهله وصعوبة إقناعهم بما يفكر. ويعرف المراهق في هذه الفترة، مرحلة من الإنزواء حيث تنتابه مجموعة من الأحساسيس والأفكار التي يعجز التعبير عنها لأي كان، وهنا على الأهل أن يتقربوا كثيرا من ولدهم لكي يثق بهم ويخبرهم بكل الأمور التي تقلقه وتدور في رأسه خصوصا أن للمراهق ميل لتجربة كل الأمور بما فيها الأمور الضارة، لذا يجب ان يبقى محاطا لكي تمر هذه المرحلة بأقل أضرار ممكنة.
ومن أبرز المشاكل النفسية والتحديات السلوكية في حياة المراهق نذكر:
الصراع الداخلي بين الطفولة والنضج
حيث يعاني المراهق من جود عدة صراعات داخلية، مثل صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق.
الاغتراب والتمرد للفت النظر
يشكو المراهق من أن والديه لا يفهمانه، ولذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل؛ لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهريا لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقا لمقاييس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.
التدليل والقسوة ... بين الخجل والانطواء
إن التدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي والانطواء والخجل.
سلوك ثائر مزعج ومشاغب
إن سلوك المراهق المزعج والعصبي يسببه رغبته في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي قد يصرخ، يشتم، يسرق، يركل الصغار ويتصارع مع الكبار، يتلف الممتلكات، يجادل في أمور تافهة، يتورط في المشاكل، يخرق حق الاستئذان، ولا يهتم بمشاعر غيره.
عصبية غير مبررة
يتصرف المراهق من خلال عصبيته وعناده، فهو يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوترا بشكل يسبب إزعاجا كبيرا للمحيطين به.
وفي ظل المرحلة النفسية الصعبة التي يمر بها المراهق والتغيرات السلوكية الكثيرة التي يمر بها، لا بد من إلقاء الضوء على بعض الطرق التي تعالج مشاكل المراهقة:
مناقشته بصراحة وتثقيفه جنسيا
من الضروري إشراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة، إضافة الى إحاطته علماًبالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يقع فريسة للجهل والضياع أو الإغراء.
تقوية المراهق إجتماعيا عبر المشاركة في نشاطات ورحلات
تشجيع المراهق على القيام بنشاط ترويحي موجه والقيام بالرحلات والاشتراك في نشاطات الأندية، كما يجب توجيههم نحو العمل بمعسكرات الكشافة، والمشاركة في مشاريع الخدمة العامة والعمل الصيفي.
تحسين العلاقة الثنائية: الأهل والأولاد
إن الأذن المصغية في سن المراهقة هي الحل الأمثل لكل مشكلات هذه المرحلة، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من إطار توجيه الأوامر، إلى إعتماد الصداقة والتصارح وتبادل الخواطر لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر، لما يشكل هذا من سبيل أمثل لتكوين علاقة حميمة بين الآباء وأبنائهم في سن المراهقة، خصوصا وأن مشاكل المراهقين تأتي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، ما يردع الأبناء عن الحوار مع أهلهم لإعتقادهم بأنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشاكلهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها.
اليكم المزيد من المعلومات عن كيفية التعامل مع إكتئاب المراهق من خلال الروابط التالية:
راقبي علامات الإكتئاب عند ولدك المراهق
ما رأيك ؟