هل تساءلتم يوماً لماذا يحبّ الناس تقليد الآخرين؟ مهما أنكرنا هذا الأمر واعتزينا بكوننا "مميزين"، إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة أننا في طبيعتنا البشرية، نميل إلى تقليد الآخرين. فببساطة، يعزز هذا الأمر شعور الإندماج والإنعكاس لدينا. كلّ التفاصيل عن هذا الموضوع نكشفها عبر موقع صحتي.
تفسير تقليد الآخرين اجتماعياً وعلمياً
الإنعكاس هو سلوك بشري شائع، وقد تمّ تدريسه من قبل علماء النفس لفترة طويلة. فالإنعكاس يقوي شعور الإندماج وهو دليل على الإستمتاع بحديث أو بوجود الآخرين. ولتوضيح هذه النظرية أكثر، فلنعد قليل إلى الوراء.
فقد استخدم الناس الانعكاس كنوع من الإشارات العالمية. فبهدف التطور البشري، كان على الإنسان أن يتعلم ويبتكر أشياء كثيرة، بما في ذلك السلوك المقبول اجتماعياً. ومن هنا، يمكن إرجاع ضبط مزاجك وأفعالك تجاه الآخرين إلى أصول الإنسان. فعلى سبيل المثال، إذا كانت سيدة مرموقة اجتماعياً قديماً تمشي وهي تحمل منديلاً قماشياً مزخرفاً في يدها، فإن سائر النساء سيعتبرنها عصرية ومحترمة، وبالتالي سيتصرفن مثلها وسيحملن هكذا منديل بدورهنّ.
أما من الناحية العلمية، فكيف يمكن تفسير التقليد والإنعكاس؟ الجواب ببساطة، هو أنه الخلايا العصبية هي المسؤولة عن التعرف إلى الوجوه وفهم تعابيرها. فهذه الخلايا العصبية هي التي تجعلك التعبير بحركات معينة من خلال رفع حاجبيك أو رسم ابتسامة عندما تفسر مشاعر الشخص الذي تتواصل معه. وهذه الخلايا العصبية هي التي تسمح لك بتكرار الأفعال التي قد يفعلها شخص ما أمامك.
بمعنى أوسع، يساعد الإفراط في التقليد في تمكين الكثير مما يشتمل على ثقافة إنسانية مميزة، والتي تبين أنها أكثر تعقيداً من الناحية الميكانيكية. فقد توصّلت جامعة بيركلي الأميركية إلى أن البشر في طبيعتهم، ليسوا مبتكرين ومعتمدين على الذات، لكنهم حريصون وأذكياء. فالإنسان يقلد أفعال الآخر لأن القيام بذلك هو المفتاح لتعلم المهارات الثقافية المعقدة، ولأن الطقوس تخلق وتحافظ على الهويات الثقافية والتضامن الذي نعتمد عليه من أجل البقاء.
في الواقع، يعتبر تقليد الآخرين طريقة قوية لتأسيس علاقة اجتماعية. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تقليد لغة جسد شخص آخر إلى حثهم على الإعجاب بك والثقة بك أكثر.
مراحل التقليد
عندما يتأثر شخص ما بسلوك آخر، يمر بأربع مراحل وهي:
- الاهتمام: ملاحظة سلوك الشخص الآخر ومراقبة كيفية تصرفه
- تخزين السلوك: في هذه المرحلة، يحتفظ الشخص بصورة ذهنية لما يريد تقليده
- توليد السلوك: وهي مرحلة تكرار ونسخ السلوك
- تحفيز السلوك: معرفة ما هو الدافع الذي يدفع بالشخص إلى تقليد سلوك ما
هكذا يبدو تقليد الآخرين مهمّ اجتماعياً وله تأثيرات ايجابية على تكوين المجتمعات، لكن من ناحية اخرى يجب التنبّه الى أنّ تقليد الآخرين يمكن أن يتحوّل الى اضطراب نفسيّ يُعرف باسم "ايكوبراكسيا" وذلك يتطلّب تدخّل اختصاصيّ نفسي لعلاج هذا الاضطراب الذي يمكن أن يشكّل عائقاً أمام الفرد في حياته اليومية وحتّى للآخرين.
لديكم تساؤلات حول المشاكل أو الاضطرابات النفسية؟ الأخصائيون يمكن أن يجيبوا عنها من خلال استشارة الكترونية تحجزونها عبر موقع www.sohatidoc.com
إليكم المزيد من صحتي عن بعض الامراض النفسيّة:
هل يمكن علاج القلق المستمرّ والشفاء منه؟
التعامل مع المصابين به صعب... ماذا تعرفون عن إضطراب النرجسية؟
ما رأيك ؟