التدخين ومضاره للجهاز التنفسي - بقلم الدكتور حلمي درويش

التدخين ومضاره للجهاز التنفسي - بقلم الدكتور حلمي درويش

من المعلوم أنّ التدخين له أضرار جمة على صحة الإنسان. فالدخان يحتوي على حوالي 4000 عنصر كيميائي بينها أكثر من مئة عنصر سام و خمسون منها مسرطنة.

الدخان المستنشق كناية عن جزئيات مختلفة القطر ولعل الجهاز التنفسي هو المتضرر الأول وذلك لأنّه عن طريقه تتمّ عملية الاستنشاق وعن طريق تبادل الغازات في الرئة تتم عملية إيصالها للدم ولسائر أعضاء الجسم.

إنّ الجزئيات التي يتراوح قطرها من 5-10 ميكرون يتم إيقافها في الفم ومن ثم الحنجرة وتتسبّب بأمراض اللثة وسرطان اللسان والأحبال الصوتية والحنجرة. أما الجزئيات التي تقلّ عن خمس ميكرون فإنها تستطيع الولوج إلى القصبات الهوائية الرئيسية وأخطر الجزئيات هي ما بين 2-3 ميكرون إذ أنها تصل إلى الشعب الهوائية وكذلك الحويصلات الرئوية  متسبباً بسرطان الرئة وبمرض الانسداد الرئوي المزمن COPD.

العوامل المعززة لهذه الأمراض

- السنّ المبكرة في التدخين: إنّ الرئتين هما العدو الوحيد في الجسم الذي لا يكتمل نموه تماماً إلا في عمر 21 سنة ومن هذا المنطلق فإن السن المبكرة للتدخين تؤدي إلى خلل في نحو الرئتين مما يؤهلها للاصابة لاحقاً بتلك الأمراض.

- كمية التدخين: أقلّ من عشرة سجائر أو أكثر.

- نوعية الدخان: سيجار، سيجارة، نرجيلة. فمدخنو السيجار مثلاً هم أكثر عرضة للإصابة  بسرطان الفم والحنجرة والسبب شرحناه سابقاً أما مدخنو النرجيلة فيجب أن يكونوا على علم بأن  كل نرجيلة  هي علبة سجائر وهنا نتحدث عن التنباك وليس ما يسمى المعسل الذي ضرره أكثر بكثير.

- عدد سنوات التدخين: اذ انّ تعريف مرض الانسداد الرئوي هو قصور التنفس عند الأشخاص الأكبر من الأربعين سنة أو أكثر للأسف في دول العالم الثالث حيث التدخين هو موضة شائعة عند المراهقين فإن هذا التعريف لا ينطبق لأننا كأطباء يصادفنا مرضى بهذا المرض في الثلاثين من العمر!

إذاً لماذا يستمر الإنسان في التدخين؟

الهدف هو الحصول على مادة النيكوتين الموجودة في أوراق التبغ، وهي مادة تسبّب الإدمان وليست خالية من الاضرار. أضف الى ذلك أن حرق التبغ يؤدي الى توليد حرارة مقدارها من 800-900 درجة مئوية، ، وهذا ينتج مواد تقدر عددها بما يزيد عن 5000 مادة كيماوية مسرطنة، عدا عن النيكوتين، وهي موجودة في السيجارة العادية والشيشة (الأرجيلة) والغليون والسيجار. لذلك فإن الابتعاد عن التدخين والإقلاع عنه هو الخيار الافضل للإنسان.

لكن هناك فئة من المدخنين لا يستطيعون التوقف عن التدخين وذلك لأسباب عديدة ومتنوعة. هنا يمكن التحول الى منتجات أخرى بديلة  قد أثبتت الدراسات الأخيرة أنها أقل ضرراً من الإستمرار عن التدخين. من هذه المنتجات يوجد بدائل تعتمد على تكنولوجيا تسخين التبغ بدرجة حرارة لا تتعدى 350 درجة مئوية وليس حرقه كما ذكرت سابقا، وهذا يعطي المدخن نفس تجربة التدخين التقليدية.

وأخيراً بالرغم من أن تسخين التبغ لا يخلو نهائياً من المخاطر لكنها تشكل بديلا أفضل للمدخنين الذين يريدون تخفيف أضراره أو الإقلاع عن التدخين نهائيا، علما بأن الخيار الأصح والأفضل للجميع هو الإقلاع نهائياً عن التدخين. حفظ الله الجميع من شر هذه الآفة.

في النهاية كأخصائيين للأمراض الصدرية لا انصح بالتوقف الفجائي عن التدخين بل التوقف بالتدريج؛ ذلك أن الخلايا السرطانية الراكدة يمكن تفعيلها التوقف الفجائي ولا يستطيع الجهاز المناعي عن صدها أو ابتلاعها. ومن هنا ربما أن الانتقال من تدخين السجائر إلى ما أصبح متوفر حالياً باسم E-cigarettes أو الأجهزة الّتي تعتمد على تسخين التبغ هي الأمثل في طريق التوقيف النهائي عن التدخين.

 

‪‪مقالات ذات صلة
‪‪إقرأ أيضاً
‪ما رأيك ؟