لا يدخل الطفل إلى العالم بشخصية مكتملة التكوين تنبع من جيناته. بدلاً من ذلك، يدخل الأطفال إلى العالم بمادة خام للشخصية، يتم نحتها من خلال التجارب المتتالية وصولاً نحو تكوين شخصية كاملة بعد مرحلة المراهقة. تشمل التجارب فترة الطفولة والمدرسة، والعلاقة مع الأصدقاء والأشقاء، والأهم من ذلك كله، العلاقة مع الوالدين.
من المعلوم أنه لا يتأثر جميع المراهقين بالتربية الجيدة أو السيئة بنفس الطريقة. يتأثر البعض بدرجة أقل بما يفعله آباؤهم، في حين أن الآخرين سيعملون على تطبيق تصرفات أهلهم بحذافيرها.
ويشير الأطباء النفسيون إلى أن المراهقين يتأثرون كثيراً بنوع الأبوة المطبقة في المنزل. إذ تُعرف "الأبوة الجيدة" بالدفء، ومدى اهتمام الآباء بجعل المراهقين يشعرون بالراحة والقبول والتحكم منذ الصغر، أو كيف يترك الآباء أطفالهم يفعلون الأشياء ليتعلمون بأنفسهم. فيما قد تكون "الأبوة قاسية" من خلال التأديب القاسي أو حجب الحب والمودة.
كيف يتأثر المراهقون بهذه الأساليب الأبوية المتنوعة؟
في التربية الحسنة، أي ضمن أجواء إيجابية، تكون مشاعر التعاطف والمشاركة سائدة، بالإضافة إلى السلوك الاجتماعي الإيجابي، ما يعني أن يكون المراهق لطيفاً مع الناس. هذه التربية الإيجابية من الاهل تؤدي على نجاح كبير في المدرسة وإلى تنمية أشكال أخرى من التطور المعرفي.
بالمقابل، يشير الأطباء النفسيون إلى أن الجدية والتحكم القاسي لهما تأثير سلبي على مدى تأثر المراهق بأهله. فالانفعالات السلبية والعصبية قد تجعلان المراهق أكثر عرضة للأذى النفسي بسبب الأبوة الغاضبة والإهمال، وقد تظهر أعراضها على شكل القلق والاكتئاب وإيذاء النفس.
وبالتالي، ردود فعل شخصية المراهق تعود إلى سنوات من الخبرات والمشاعر والأحاسيس المتراكمة، أكانت سلبية أم إيجابية، والتي تلعب دوراً كبيراً في مدى تأثر المراهق بوالديه. فإما يحبذ أن يكون مثلهما فيسعى لتقليد وتنمية خصائلهم الحسنة، أو يرفض أن يكون المراهق مثل أهله، فيعمد إلى تكوين شخصيته بمعزل عنهما.
لقراءة المزيد عن الصحة النفسية:
4 مراحل لعلاج الصدمة النفسية واسترداد الحياة الطبيعية
ما رأيك ؟