من الطبيعي جداً أن يشعر المرء بتخدير في يده، أي بثقل وعدم استجابة وصعوبة في تحريكها، وذلك بعد البقاء لفترة طويلة في وضعية معينة كما يحدث مثلاً عند النوم على اليد وهي مثنية. فعند النهوض من السرير، يحرر العصب من الضغط ويعود الدم إلى دورته الطبيعية ويختفي التنميل بعد بضع ثوانٍ. إلا أنّ ثمة مشاكل أخرى من شأنها أن تسبب تنميلاً أكثر خطورةً في اليد: ضعف الدورة الدموية، وأنواع مختلفة من التهاب المفاصل المزمن والتصلب، ومرض السكري، وكسور العظام في المعصم، ومتلازمة النفق الرسغي.
للفهم
النفق الرسغي هو قناة تقع في الرسغ وتمرّ فيها ثمانية أوتار والعصب المتوسط الذي يبدأ من الرقبة مروراً بالإبط ونزولا إلى أسفل الذراع ليصل إلى اليد. يعمل هذا العصب على ضمان الحساسية في المنطقة الراحية (كف اليد)، والسبابة، والوسطى، ونصف البنصر. ومتلازمة النفق الرسغي هي انضغاط العصب المتوسط، يقوم هذا الضغط بتعطيل الدورة الدموية ما يؤدي إلى اعتلال هذا العصب فيتعذر عليه القيام بوظائفه الطبيعية. لا يمكن التخفيف من انضغاط العصب إلا بعملية جراحية، لأنّ العصب لا يمكن للضغط أن يتحرر بشكل طبيعي. قد يؤدي انضغاط العصب المتوسط على المدى البعيد (بين فترة سنتين وثلاثة) إلى ضمور العضل الذي هو قاعدة الإبهام (والذي يسمّى الرانفة) ويؤدي إلى فقدان القوة في الإبهام. لسوء الحظ، هذا الأمر لا رجوع فيه في كثير من الأحيان وقد يحدث دون أن يلاحظه أحد (وقد يصنّف الالم على أنه روماتيزم أو التهاب في المفاصل، على سبيل المثال). تتطور أعراض متلازمة النفق الرسغي على النحو التالي:
- تنميل متزايد في اليد (ثقل، عدم حساسية وصعوبة في تحريكها).
- ظهور التشنجات.
- ضعف وخسارة البراعة بشكل تدريجي (صعوبة في إمساك القلم أو أي شيء آخر، وفي إغلاق اليد).
- انتشار الألم في كافة أنحاء الذراع، والكتف، ,احياناً في الرقبة عند استخدام اليد (للكتابة، أو القيادة، أو الخياطة...).
- تنميل مستمر.
- ألم حاد في اليد يؤدي إلى الاستيقاظ ليلاً.
الأسباب
الوضعية السيئة للجسم. غالباً ما تحدث متلازمة النفق الرسغي عند الأشخاص الذين يستخدمون الكومبيوتر. فإبقاء اليدين ممتدتين على لوحة المفاتيح (المعصمين ممتدين بشكل كثيف بالنسبة لوضعيتهم الطبيعية) قد يؤدي إلى انسداد في العصب المتوسط.
الحركات المتكررة. إنّ العمال اليدويين الذين يقومون بحركات متكررة (العاملين في تشغيل آلات ثقب الصخور، والعاملات في الخياطة والحياكة، والجزارين، والعاملين على خط التجميع) وحتى الموسيقيين هم عرضة للإصابة بمتلازمة النفق الرسغي.
نصائح عملية
التخفيف من الألم. بانتظار رؤية الطبيب، يمكن تناول مضادات للالتهاب أو الأسيتامينوفين بجرعات موصى بها، فكلاهما يخفف من الألم. يجب تجنّب العمل في ظروف مناخية باردة، كما يجب أخذ الوقت الكافي لتحمية العضلات والمفاصل قبل البدء بالعمل. على سبيل المثال، تحريك المعصمين والذراعين أو تمرير اليدين تحت المياه الدافئة. فالحرارة تؤدي إلى توسيع الأوعية الدموية وتمنع يمنع ضغط على العصب المتوسط.
مراقبة وضعية الجسم. للراحة أهمية خاصة في تجنب الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي. لذلك، يجب التأكد من ارتفاع كرسي العمل بشكل مناسب وبحيث يكون الذراعين والمعصمين في وضعية طبيعية عند الطباعة على الكومبيوتر. ولا يجب الإفراط في التمدد بحيث أنّه لا يجب إجبار الجسم أو الذراعين على الحركة. بالإضافة إلى ذلك، يجب الجلوس بشكل مريح قدر الإمكان على كرسي جيّد مع مسند ذراع، كما يجب العمل عبر الحفاظ على وضعية جيّدة لليدين. كيف؟ من خلال وضع المعصمين بشكل مائل إلى الجهة الجانبية، وترك اليدين خفيفتين وكف اليد مفتوحاً كمن يحمل زجاجة. وبهذه الطريقة لا يتم الإلقاء بثقل الاصابع على لوحة المفاتيح بل على جانبها.
الاستراحة. في حال القيام بأعمال متكررة بحاجة إلى المعصمين، ينبغي أخذ استراحة لفترة خمس دقائق كل ساعة.
تثبيت المعصمين. ينبغي على الخياطات، ومشغّلي الأدوات التي تتطلب حركة متكررة (مثل آلات ثقب الصخور)، والعازفين على الآلات الموسيقية تثبيت المعصمين من خلال مقوام المعصمين. والمقوام هو في الواقع حزام من النسيج يتم وضعه وتثبيته بواسطة خطاف وحلزون فيلكرو لمنع أي حركة مفرطة. يمكن شراؤه من الصيدلية من دون وصفة طبية، ففي حال الطباعة على لوحة المفاتيح بشكل كثيف ثمة مساند (وهي عبارة عن مساند يمكن نفخها وإلصاقها بالرسغ بواسطة شريط فيلكرو) تساعد على إبقاء المعصم في وضعية طبيعية أثناء العمل. يمكن إيجاده في محلات المتخصصة ببيع أدوات الكمبيوتر كما ثمة مساند تعتمد على المبدأ نفسه ويتم تثبيتها على سطح المكتب أو على جانب لوحة المفاتيح.
تقوية المعصمين. تتم تقوية عضلات ومفاصل المعصم من خلال القيام بتمارين رياضية لتحريكها (التنس، الغولف، البولينغ وغيرها) أو من خلال القيام بهذا التمرين البسيط جداً: مد الذراع على طاولة، الكف للأعلى، وضع علبة للأطعمة المعلّبة غير مفتوحة في اليد ورفع ساعد اليد (باتجاه الكتف) عشرة مرات، وتكرار التمرين في اليد الأخرى.
العلاج
كلما تدخل الطبيب باكراً، من المفضل خلال الأشهر الستة التي تلي ظهور العوارض كلما كان أفضل للتداوي بشكل سريع. وفي انتظار إجراء العملية الجراحية، وفي حال كان الألم لا يحتمل، يمكن أخذ حقن الكورتيزون في المناطق المؤلمة لتوفير راحة مؤقت. ويمكن للطبيب وصف ارتداء جبيرة خلال الليل للإبقاء على اليدين والمعصمين بوضعية مستقيمة وذلك لتجنب التحرّك والشعور بالألم. تبقى الجراحة السبيل الوحيد امعالجة هذه المشكلة بشكل دائم، ويمكن القيام بها من خلال طريقتين: الطريقة الأكثر شيوعاً واستخداماً والأقل ألماً وهي عن طريق المنظار. يقوم الطبيب بشق اليد بعمق سنتيمتر واحد (عند تقاطع الرسغ واليد) ويدخل كاميرا صغيرة جداً في النفق الرسغي. هذه الكاميرا مجهّزة بمشرط لفتح النفق من الداخل الأمر الذي يؤدي إلى تحرير العصب المتوسط من الضغط بشكل تلقائي. هذه العملية الجراحية تتم في يومٍ واحد (من دون النوم في المستشفى) وتتم تحت تأثير مخدر موضعي ويمكن استعادة النشاط بشكل سريع (في أقل من أسبوعين). بالطبع يكون المعصم ضعيفاً بعض الشيء بعد الجراحة وذلك لبضع أسابيع ثمّ يعود إلى ما كان عليه فيما العلاج الفيزيائي ليس بالأمر الضروري. أما الطريقة الثانية فتتمثّل بشق كف اليد بعمق خمس سنتيمترات الأمر الذي يسمح للطبيب بالوصول إلى العصب وتحريره عن طريق قطع الأوتار والعضلات الضاغطة. وفي هذه الحالة يستغرق الشفاء وقتاً أطول: وقد يطول لمدّة أربعة أسابيع، كذلك ستطول فترة عودة المعصم واليد إلى حالتهما الطبيعية. على الرغم من أنّ هذه الطريقة بطيئة، إلا أنّ 50% من الأطباء لا يزالون يمارسونها.
ما رأيك ؟