كيف تحافظون على صحّتكم النفسية؟ تابعوا نصائح الأخصائية في الأمراض العقلية والنفسية د. شارلين هاشم
الثلاثاء، 06 مايو 2014
خاص – موقع صحّتي
تصيب الإضطرابات النفسية أكثر من نصف سكّان العالم بحسب منظّمة الصحّة العالمية، وتختلف هذه الاضطرابات من ناحية الخطورة، فيمكن أن يعاني الشخص من القلق والتوتّر وصولاً الى الاكتئاب النفسي أو حتّى الفصام والوسواس القهري وغيرها من الامراض. وبناء على مثل هذا الرقم الخطيرو يمكن القول أنّ العالم يعيش عصر إنتشار الأمراض النفسية في ظلّ تزايد أعداد المصابين بها. ومع إرتفاع الارقام، هناك أيضاً تزايد في درجة الوعي تجاه الاضطرابات النفسية وتأثيراتها السلبية على الإنسان، ما يعزّز من أهمية الدور الذي يؤديه الاطباء الاخصائيين في الامراض العقلية والنفسية على صعيد استكشاف العوامل الكثيرة والمتداخلة التي تسبّب هذه الاضطرابات والطريق السليمة لعلاجها. ولكي تدركوا سبل الحفاظ على صحّتكم النفسية، في الشهر العالمي المخصّص لهذه الغاية، نقدّم لكم هذا التقرير الخاص بالتعاون مع الاخصائية في الامراض العقلية والنفسية الطبيبة شارلين هاشم.
نمط الحياة العصري والمشاكل النفسية
تؤكد هاشم أنّ المشاكل النفسية الى تزايد بسبب نمط الحياة العصري وكثرة المتطلّبات، بالاضافة الى زيادة الامراض العضوية، حتّى أنّ الكآبة باتت من أكثر الامراض التي تهدّد حياة الإنسان. كما أنّ الوعي تجاه هذه المشاكل قد زاد وهناك إتجاه أكبر لاستشارة الطبيب المختصّ لعلاج الاضطرابات النفسية. ولكن ما تنبّه اليه هاشم أنّه لا يمكن تصنيف الاضطراب النفسي على أنّه مرض إلا حين يصبح مؤثراً على حياة المريض من الناحية المهنية أو الشخصية، وكذلك فإنّ الامر مرتبط بالفترة الزمنية وطول وقت المعاناة. فكلّ إنسان يمكن أن يعاني من مشاكل نفسية في وقت معيّن خلال حياته بسبب الضغوط التي يتعرّض لها، لكن إعتبارها مرضاً يتطلّب قياس الاضطراب من ناحية الوقت وتأثيراته. وعند تحديد هوية الاضطراب النفسي، يصف الطبيب المختصّ الادوية اللازمة ضمن المرحلة الاولية، ويكون بعدها هناك علاج نفسي. أمّا بعض الاضطرابات الأخرى فيمكن أن تُعالج دون أدوية لأنّها تكون خفيفة ومؤقتة.
خطورة تناول المهدئات دون إشراف الطبيب
يمكن لأي شخص أن يشعر بالتوتّر أو الاحباط في بعض الاحياة بسبب ما يعايشه في حياته، لكنّ هاشم تحذّر من تناول المهدئات دون وصفة طبيب. ومعظم الصيدليات تلتزم بعدم إعطاء المهدئات في حال لم يحمل الشخص هذه الوصفة، لكن حاجة الشخص للهروب من واقعه يمكن أن تدفعه الى عمل أي شيء للحصول على المهدئات. وهناك العديد من المخاطر التي يجب أن تتنبهوا اليها، إذ أنّ الطبيب النفسي نفسه يحاول تجنّب إعطاء المهدئات إلا ضمن ظروف محدّدة. فلا يجب تناولها عند القيادة، لأنّ ردّات الفعل عند الانسان تكون ضعيفة، وكذلك لا يجب أن تُعطى لمن يعمل ضمن مهن محدّدة كالبناء أو غيرها. ومن الضروري تجنّب استهلاك الكحول عند تناول هذه الادوية، مع المعرفة المسبقة أنّها يمكن أن تسبّب مشاكل في الذاكرة. وتلفت هاشم الى أنّ الطبيب النفسي يستطيع وصف أدوية أكثر فعالية بأشواط ودون كلّ هذه التأثيرات الجانبية، لكن يبقى أمام المريض خطوج زيارته واستشارته قبل البدء بتناول أي دواء مرتبط بالمشاكل النفسية.
اليوغا والتأمل
بموازاة الانتشار المتزايد للاضطرابات النفسية، يمكن التنبّه الى ظاهرة افتتاح العديد من المراكز المتخصّصة باليوغا والتأمل في الكثير من البلدان العربية. وهذه الظاهرة أردنا أن نستشير الطبيبة شارلين هاشم عنها أيضاً. فهي ترى أنّ تقنيات الاسترخاء يمكن أن تساعد على التخلّص من الاضطرابات الخفيفة كالقلق والتوتّر والتعب إذا ما تمّت تحت إشراف مدرّب مختصّ. لكن بالنسبة للمشاكل النفسية الأقوى، فهي تستدعي معالجة بالأدوية بالاضافة الى العلاج النفسي، ولا يمكن إعتبار أنّ تقنيات الاسترخاء كافية وحدها.
أمّا في ما يتعلّق بالتغذية، في ظلّ بروز دراسات عديدة تربط بين الصحّة النفسية والتغذية السليمة، فهاشم تؤكد أنّ الموضوع ليس محسوماً بعد في هذا المجال. ولكن عموماً هناك أنواع من الاطعمة مفيدة للصحّة عموماً كالاوميغا ٣ وهذا ما ينعكس على الجانب النفسي أيضاً.
نصيحة أخيرة
أهمّ نصيحة تسديها لكم هاشم ألا تقلقوا من أعراض الاضطرابات النفسية، بل أن تنظروا اليها تماماً كما أعراض أي مرض عضوي مثل السكري أو إرتفاع ضغط الدمّ، وبالتالي فهي تحتاج الى علاج فعّال. لذا يجب كسر التابو الذي ما زال موجوداً في بعض المجتمعات تجاه استشارة الطبيب النفسي، لأنّ ذلك لا عيب فيه أبداً بل هو تعبير عن وعي كبير لكثرة العوامل التي تؤثر على الانسان سواء كانت عوامل جينية أو بيئية أو عوامل خارجية، والحاجة الى تحسين الوضع النفسي لمتابعة الحياة بسلام.